فدلّت هذه الأدلة ودلَّ غيرها على بطلان قول الخوارج وعلى ظهور قول أهل السنة والجماعة في هذه المسألة في أنَّ صاحب الذنب من الكبائر العملية التي ذكرنا بعضاً منها أنَّهُ لا يَخْرُجُ من الإسلام بحصول الذنب منه؛ يعني بحصول ذنب منه، أو بحصول كل ذنبٍ، أو أي ذنبٍ منه؛ يعني ليس كل ذنبٍ مخرجاً له من ذلك؛ بل الكبائر العملية ليست كذلك -يعني مُخْرِجَةْ له من الإسلام- خلافاً لقول الخوارج والمعتزلة في التخليد في النار.
وأما الجملة الثانية وهي قوله (وَلَا نَقُولُ: لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ.) فهذه أيضاً فيها مخالفة للمرجئة الذين يقولون: لا يَضُرُّ مَعَ الإيمَانِ ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة.
والأدلة دَلَّتْ على أنَّ الذنوب تؤثر في الإيمان، منها:
1- قال - عز وجل - في ذكر القاتل {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء:93] .
2- وقال - عز وجل - في الربا {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ} [البقرة:275] .
3- وقال - عز وجل - في المرابين {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة:279] .
4- وشَرَعَ الله - عز وجل - الحد في السرقة {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38] ، وشَرَعَ الجلد في القذف وفي الزنا إلى آخر ذلك، وهذا يدل على أنَّ هذه الأمور أثَّرَتْ في الإيمان، هذه الكبائر أَثَّرَتْ في الإيمان.
5- والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كثيرة «لاَ يَدْخُلُ الْجَنّةَ قَتَّاتٌ» (?) ، «لاَ يَدْخُلُ الْجَنّةَ قَاطِعُ رَحِم» (?) وهذا تأثير في الإيمان بسبب هذه الكبيرة.