يقول إنَّ الإنسان يُفعل به وهو يَفْعَلْ، والأمر يحصل عند حركة الإنسان، مثل قطع السكين للخبزة، أو تكسير العصا للحجر، فإذا ضَرَبَ الإنسانُ الحجر بالعصا، يقول: إنَّ الحجر تنكسر لا بالضرب؛ ولكن عند الضرب، يعني كَسَرَ الله الحجر لا بِضَرْبِ الإنسان ولكن عند ضربه.

يعني أنَّ الحجر ليس له خاصية الانكسار بضرب العصا، والعصا ليست لها خاصية الكَسْرْ -كسر الحجر-، والإنسان ليس فيه خاصية أنَّهُ يحمل العصا على الحقيقة ويكسر على الحقيقة.

ولهذا سماهم السلف نفاة التعليل ونفاة الأسباب، يعني ليس ثَمَّ شيء يُنْتِجُ شيئاً ليس ثم سَبَب يُنْتِجُ مُسَبَّبَاً

عندهم كل شيء يحصل بخلْقٍ له منعزل عن غيره، لا بأسباب غيره.

فالماء إذا نزل على الأرض نبت العشب لا بالماء، ولكن عند الإلتقاء.

وما جاء في القرآن من ذكر حرف الباء {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ} [النمل:60] يعني لفظ {بِهِ} هذا يفسرونه بعنده هذا كثير في التفاسير فتنتبه لهم.

إذاً خلصوا إلى أنَّ الإنسان يكسب العمل.

وتفسير الكسب، كيف يَجْمَعْ ما بين الجبر الظاهر والجبر الباطن بالكسب اختلف فيه الأشاعرة على أقوال كثيرة وخلاصتها أنه لا مُحَصَّلَ لها وأنه مجبور لا مختار.

ولهذا قال القائل في البيت المعروف في بعض كتب العقائد المطولة قال:

مما يقال ولا حقيقة تحته معقولةً تدنو لذي الأفهام

الكسب عند الأشعري والحال عند البهشمي وطفرة النظام (?)

هذه ثلاثة أشياء لا حقيقة لها اخترعها أصحابها دون حقيقة.

إذا تبين لك ذلك فلفظ الكسب له عدة استعمالات، أو الكسب عند الناس له ثلاث استعمالات، أو الناس في الكسب لهم ثلاثة أقوال -يعني بما تراه-:

1- الأول: الكَسْبْ عند الأشاعرة هذا أوضحناه لك.

2- الثاني: كَسْبٌ بمعنى العَمَل، ما يعمله الإنسان باختياره ورغبته يكون كَسْبَاً له لأنه حَصَّلَهُ.

مثل ما تقول: كسبتُ مثلا كذا من المال لأنَّه.... عمل شيئا فَحَصَّلْ هذا المال.

كذلك الأعمال الصّالحة كَسْبٌ له؛ لأنه بذل فيها وعمل فكسب.

وكذلك الأعمال السيئة عليه لأنه كسبها بجهده.

وهذا هو المعنى الذي جاء في الكتاب والسنة، فمن استعمل الكسب في هذا المعنى فهو صحيح؛ لأنه قد جاء في القرآن والسنة مثل {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:286] ، ولفظ الكسب في القرآن كثير.

فإذاً هذا المعنى واضح وصحيح.

ترجعون في تقسيم الكسب إلى الأقوال الثلاثة والحُجَجْ فيه؛ لأنه مهم إلى كتاب ابن القيم شفاء العليل.

طولنا عليكم نرجئ بقية المباحث إن شاء الله إلى الأسبوع القادم. نكتفي بهذا القدر لأجل عدم الإطالة وإن شاء الله نلتقي بكم على خير حال.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015