والصواب في ذلك أنه ما من شيء يقع إلا بإذن الله، وإلا فيكون الله - عز وجل - يقع في ملكه ما لم يأذن به، وهذا وَصْفٌ لله - عز وجل - بالنقائص.

بل عموم قدرة الله - عز وجل - وقوته وملكوته وجبروته وقهره وملكه لهذا الملكوت أنَّهُ لا يحصل شيء إلا بعلمه سبحانه وبإذنه ومشيئته؛ لكن له حكمة في أَنْ يقع هذا الشيء.

فقتل القتيل ظلماً وَقَعَ بمشيئة الله الكونية لكنه لم يأذن به شرعاً بل نهى عنه، اقتحام الكعبة والمسجد الحرام وإسالة الدم فيه لم يقع بإذن الله الشرعي ولكنه وقع بإذن الله الكوني.

فإذاً يجتمع في إذن الله الكوني الطاعات والمعاصي، المحمود والمذموم، الشر والخير.

وأما إذن الله الشرعي، إرادة الله الشرعية فهي ما أَمَرَ الله - عز وجل - به.

وأما ما نهى عنه فإنه لم يُرِدْهُ شَرْعَاً.

وهذا بيان مهم والمسألة معروفة لأكثر طلبة العلم في التفريق ما بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية، وسيأتي إن شاء الله مزيد بيان لهذه المسألة.

4 - أما المرتبة الرابعة فهي مرتبة عموم خلق الله - عز وجل - للأشياء:

وأما خلق الله للأشياء فجميع المنتسبين للإسلام بل وغير المسلمين يؤمنون بأنَّ الله خالق الأشياء.

لكن عموم خلق الله الأشياء بِضَابِطِ وقَيْدِ العموم هذا مما تميَّزَ به أهل السنة والجماعة إعمالاً وإيمانَاً بقول الله - عز وجل - {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:62] ، وقوله سبحانه {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان:2] .

فإذاً الأشياء التي خَلَقَهَا الله - عز وجل - داخلة في قَدَرِ الله سبحانه وتعالى.

يدخل في عموم خلق الله - عز وجل - للأشياء الكُفْرْ، ويدخل في ذلك معصية العاصي، ويدخل في ذلك عمل الإنسان بجميع أنواعه من الخير والشر وذلك لقوله سبحانه {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96] ، يعني خلقكم والذي تعملونه.

- فتكون {مَا} بمعنى الذي، يعني اسم موصول بمعنى الذي.

- أو تكون {مَا} مصدرية يعني حرف مصدري تُقَدَّرْ مع الفعل بعدها بمصدر فيكون تقدير الآية (والله خلقكم وعملكم) . (?)

فما عَمِلَهُ الإنسان خَلَقَهُ الله - عز وجل - كما خَلَقَ ذات الإنسان خَلَقَ عمله، والله خلقكم وعملكم، أو والله خلقكم والذي تعلمونه.

وهذا ظاهر، ويأتي بيان شُبَهْ الفِرَقْ والرد عليها مزيد تفصيل لعموم خلق الله - عز وجل - للأشياء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015