[المسألة الثانية: أن علم الله من حيث هو صفة له سبحانه متعلق بكل شيء]

[المسألة الثانية] :

أنّ عِلْمَ الله جل جلاله من حيث هو صِفَةٌ له سبحانه مُتَعَلِّقٌ بكل شيء، كما قال سبحانه {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [النساء:32] ، وقال {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقال أيضاً أ {وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40] وقال سبحانه {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر:7] ، ونحو ذلك من الآيات.

فعِلْمُ الله أمتعلق بكل شيء، وكلمة (بِكُلِّ شَيْءٍ) هذه فيها شمول للأشياء.

والشيء يُعرَّف بأنه ما يصح أن يُعلَمَ أو ما يصح أن يَؤُولَ إلى أن يُعْلَمْ.

فإذاً ما سيقع سواءً كان من جليل الأمر أو من حقيره هذا سَيَؤُولُ إلى العلم، وأيضاً يصح أن يُعلم ويصح أن يؤول إلى العلم ما لم يقع.

لهذا نقول: إنَّ علم الله جل جلاله بالأشياء شامل، وأنَّ عِلْمَ الله ? بالأشياء أَوَّلْ؛ لكن بَدَأَ حيث أراد الله ? أن يوجَد ذلك الشّيء، أو أن يكون الأمر على هذا النّحو، أو أن لا يكون هذا الأمر.

يعني أنّ الله ـ عَلِمَ أحوال الأشياء على التفصيل وعلى الإجمال لَمَّا أراد خلقها وإيجادها ـ.

والله سبحانه يعلم تلك الأشياء على ما هي عليه، وعِلْمُهُ بها أوَّل، وإذا قلنا إنَّ علمه ـ بها شامل وأنه ? عَلِمَ تلك الأشياء إذْ تَوَجَّهَتْ الإرادة إليها فإنَّ ذلك العلم لم يسبقه جهالة.

وهذه من أصول المسائل أيضاً؛ لأنّ عِلْمَ الله جل جلاله لم يسبقه جهالة، وهذه تنفعك في البحث مع القدرية؛ نفاة العلم.] (?)

وقولنا: لم يسبقه جهالة؛ يعني لا في الأزل، فإذا قلنا: عَلِمْ، ليس معناه أنه قبل ذلك كان جاهلاً بهذا الشيء، لم؟

لأنه لم يكن شيئاً إلا لمَّا تَوَجَّهَت الإرادة إليه، فلما توجهت الإرادة إليه بأنه يكون أو لا يكون أو إذا كان كيف يكون فإنه سبحانه عِلْمُه بذلك سابق.

فإذاً عِلْمَ الله ? لم يسبقه جهالة، لا حين توجه إلى الإرادة ولا حين وقع مشيئةً كونيةَ.

والإرادة في قولنا: توجّهت إليه الإرادة، ليست هي الإرادة الكونية المتعلقة -يعني التي تعرفونها التي هي المشيئة، إذا تعلقت بشيء كان- وإنما هي إرادة القدر؛ يعني تقدير الأشياء بأنَّ هذا سيكون أو لا يكون وأن هذا سيخلقه الله أو لا يخلقه الله؛ يعني الإرادة المرتبطة بالحكمة والتقدير في إيقاع الأشياء في أوقاتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015