قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: [وقوله: لمن اعتبرها منهم بوهم أي: توهم أن الله تَعَالَى يرى عَلَى صفة كذا فيتوهم تشبيهاً] فأول ما يأتي عَلَى ذهن أهل التأويل: يأتيهم الشيطان بوهم وبتشبيه معين، ثُمَّ بعدها يتوهمون أنهم إذا أثبتوا ما توهموه من الوصف فهم مشبهة، فانقسموا نوعين: منهم من أثبت هذا الوهم الذي ألقاه الشيطان في ذهنه، فهذا هو المشبه الذي يشبه الله -تعالى- بخلقه، والبعض الآخر قَالَ: مادام أنه لا يوجد إلا هذا الشكل فأنا أنفي الرؤية كليةً وأنفي الشكل الذي ألقاه الشيطان في ذهني! وذلك لأنه لم يتصور هذه الصفة إلا بهذا الشكل، فنتج عن ذلك أنه أنكرها بالكلية.

فيقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [إن اثبت ما توهمه من وصف فهو مشبه، وإن نفى الرؤية من أصلها لأجل ذلك التوهم فهو جاحد معطل، بل الواجب دفع ذلك الوهم وحده] فإذا دفعت هذا الوهم عن عقلك فستجد نفسك بعد ذلك أنك تؤمن بأنه -تعالى- لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] وتؤمن بأنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يُرى، ويزول عنك كل تناقض قد يرد بل هذا هو الذي يؤمن به العقل وتؤمن به الفطرة يقول: [ولا يعم بنفيه الحق والباطل] ينفي الدليل وينفي الوهم [فينفيهما رداً عَلَى من أثبت الباطل] والصحيح والواجب هو رد الباطل: وهو التوهم والتشبيه وإثبات الحق: وهو الإثبات إثبات الصفة أو المعنى المضاف إِلَى الربوبية [وإلى هذا المعنى] أي: معنى إثبات الحق ورد الباطل أشار الشيخ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بقوله: [ومن لم يتوق النفي والتشبيه زل ولم يصب التنزيه] .

التنزيه لا يكون بنفي صفة الكمال

يزعم أهل البدع من المعتزلة وغيرهم أنهم بنفيهم للصفات ينزهون -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- والأمر ليس كما توهموه وزعموه فإن التنزيه لا يكون بنفي صفة الكمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015