وتجد أحد هَؤُلاءِ عند الموت يرجع إِلَى مذهب العجائز فيقر بما أقروا به ويعرض عن تلك الدقائق المخالفة لذلك التي كَانَ يقطع بها، ثُمَّ تبين له فسادها أولم يتبين له صحتها، فيكونون في نهاياتهم - إذا سلموا من العذاب- بمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب؛ والدواء النافع لمثل هذا المرض ما كَانَ طبيب القلوب صلوات الله وسلامه عليه يقوله: إذا قام من الليل يفتتح الصلاة (اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إِلَى صراط مستقيم) خرَّجه مسلم]

توسل صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ربه بربوبية جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه إذ حياة القلب بالهداية، وقد وكلَّ الله -سبحانه- هَؤُلاءِ الثلاثة بالحياة: فجبريل موكل بالوحي الذي هو سبب حياة القلوب، وميكائيل بالقطر الذي هو سبب حياة الأبدان وسائر الحيوان، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إِلَى أجسادها، فالتوسل إِلَى الله -سبحانه- بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة له تأثير عظيم في حصول المطلوب، والله المستعان] اهـ.

الشرح:

يذكر المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- أن من يصل إِلَى مثل هذه الحال إن لم يدركه الله برحمته وإلا تزندق، ومات عَلَى الزندقة، وبعض الزنادقة ما مرقوا من الدين وخرجوا منه إلا لما اشتغلوا أول أمرهم بعلم الكلام، ولذلك يقول الإمام أبو يوسف -رَحِمَهُ اللهُ- وهو صاحب الإمام أبي حنيفة: "من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015