يقول: والآن فإن لم يتداركني ربي برحمته فالويل لابن الجويني، وها أنا ذا أموت عَلَى عقيدة أمي، أو قَالَ: عَلَى عقيدة عجائز نيسابور، أبعد هذا الخوض وبعد هذا الإطلاع، وبعد ما ألف كتاب الشامل -وهو كتاب ضخم، ومطبوع حققه الدكتور علي سامي النشار وبعض تلاميذه- وكتاب الإرشاد -وهو مطبوع أيضاً- بعدما ألف هذه الكتب وظن أنه بَيَّن للناس الاعتقاد الصحيح وقال بوجوب التأويل، وبوجوب أخذ العقيدة عن طريق العقل وعرضها عَلَى العقل وفي الأخير يقول: وها أنا ذا أموت عَلَى عقيدة أمي، وياليتها تحصل، إذا حصلت لكل علماء الكلام فهذا حسن؛ لأن الأمهات والعجائز عَلَى الفطرة السليمة، بل تراهم يقولون في نهاياتهم إذا سلموا من العذاب: إنهم بمنزلة أتباع أهل العلم من الصبيان والنساء والأعراب!

هذا هو حال من أعرض عن كتاب الله، واتخذ أي منهج آخر من مناهج الضلال، يريد الإِنسَان منهم أن يعود إِلَى أول منزلة، منزلة الفطرة وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً [النحل:78] يريد أن يكون بمنزلة الأمي الذي لا يعلم شيئاً، فأما من علَّمه الله وفقهه في الدين حتى أصبح لديه من اليقين ما تبدوا أمامه كل الشبهات الفلسفية والكلامية مثل الهباءة في الهواء لا يأبه لها ولا يلتفت إليها فهذا الذي أراد الله به خيراً، وهذا هو الذي يجب أن يكون عليه حال المؤمنين، وحال طلبة العلم الصادقين نسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجعلنا منهم.

الخسروشاهي

قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015