ونقل أيضاً عن ابن السمعاني في اتهامالشهرستاني بالإلحاد، وهما أفضل وأوثق من ياقوت، وقول ياقوت: لولا تخبط الشهرستاني في الاعتقاد ومناصرته لأهل الإلحاد لكان هو الإمام لم يكن فيه الصراحة في النقد ولعل ذلك بسبب المحبة أو الهوى أو الميل أو التعصب المذهبي لأن بعضهم كانوا شافعية، وهذا شافعي، فتجدهم يصفونه بأعظم الأوصاف لأنه شافعي المذهب أو أشعري مثلهم، وهذا من الهوى الذي لا نجده عند علماء الجرح والتعديل الذين جعلهم الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ميزاناً ومعياراً لمعرفة النَّاس والحكم عليهم، هذا من فضله تَبَارَكَ وَتَعَالَى حماية لهذا الدين دون تعصب لأي أحد كائناً من كان، من تصانيفالشهرستاني كتاب نهاية الإقدام في علم الكلام قال في بدايته: لما وجدت النَّاس في حيرة وضلال وشكوك ورأيتهم محتاجين إِلَى علم صحيح وعقيدة صحيحة ألفت هذا الكتاب! وليتأمل عنوان الكتاب مع أبيات الرازي مع ملاحظة أن الشهرستاني توفي عام خمسمائة وثمانية وأربعين، وتوفي الرازي عام ستمائة وستة، والرازي قطعاً اطلع عَلَى كتاب الشهرستاني، وتأمله، وهو من أعظم الكتب في مذهب الأشعرية وفي عقيدتهم.

فعندما قال الرازي:

نهاية إقدام العقول عقال وغاية سعي العالمين ضلال

فكأنه يقول: ما كنا نعتبره النهاية في الإقدام في العلم وفي العقيدة، وغاية ما ألَّفه علماؤنا في هذا المذهب هو ضلال ووبال وخسارة ولا فائدة فيه، إِلَى أن قال:

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

والشهرستاني ذكر في أول هذين البيتين أنه ما ألَّف هذا الكتاب إلا ليحل هذه المشكلة، يقول: (لعمري لقد طفت المعاهد كلها) مر عَلَى معاهد العلم وعلى الحلقات.

(وسيرت طرفي) -أي: عيني- بين تلك المعالم، فرأى النَّاس المشتغلين بعلم الكلام، فقَالَ:

فلم أر إلا واضعاً كف حائر على ذقن أو قارعاً سن نادم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015