قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (3/134) : قرأت بخط الحافظ الذهبي فيتاريخ الإسلام قَالَ: كَانَ شيخنا القاضيتقي الدين سليمان يحكي عن الشيخ شمس الدين ابن أبي العز أنه كَانَ يحضر مجالسسيف الدين الآمدي، قَالَ: فأردنا أن نمتحنه، لأنهم رأوه يتخلف عن الصلاة، فلم يدروا أيصلي الرجل أم لا؟ فوضعنا الحبر في رجله فمكث أكثر من يومين وهو باق لم يذهب! فعلموا أنه لا يتوضأ ولا يصلي- نسأل الله العافية- فماذا كَانَ يقول الآمدي؟ كَانَ يجلس ويقرر المسائل العظيمة في علم الكلام وفي الأصول، وفي الجدل والمناظرة والبحث حتى أن العز بن عبد السلام يقول: ما تعلمت أصول البحث والمناظرة إلا من السيف الآمدي، وكان يحفظ المستصفى وغيره من كتب الأصول وهي من أعقد وأصعب العلوم، وله كتاب اسمه: الإحكام في أصول الأحكام، في الأصول.
فكان متبحراً في العقليات وفي الجدليات، وفي النظريات، وفي علم الكلام، وفي الأصول لكن كَانَ حاله في الدين ماذكرنا، وليس الأمر كما قال الأرنؤوط: "ثُمَّ حسده جماعة من فقهاء البلاد وتعصبوا عليه، ونسبوه إِلَى فساد العقيدة، وانحلال الطوية"، ليس الأمر كذلك، وإنما اجتمع العلماء أو الفقهاء، وكتبوا عليه محضراً لفساد العقيدة والطوية وميله إِلَى آراء الفلاسفة فكان ما كَانَ هذا الرجلسيف الدين الآمدي، كَانَ إمام الأشعرية في عصره، وإمام علماء الكلام في عصره، وكان يقول العز بن عبد السلام: لو أن زنديقاً جَاءَ ليجادل الْمُسْلِمِينَ لوجب أن ينبري الآمدي لمناظرته، لقوته في الجدل وفي الحجج العقلية، لكن حاله في نفسه كَانَ كما نقل عنه الذهبي.