فإذا تعلم العلم النافع من الكتاب والسنة، وأخذ من العلوم التي لا تتعارض مع الكتاب والسنة، فإنه يزداد نوراً إِلَى نوره وهداية إِلَى هدايته، فإذا دخله الشك والريب نتيجة العلوم التي تورث ذلك ذهبت بصيرته، وذهب نور قلبه، فيصبح كالأعمى الذي يتخبط ويحار ويضيق، فهو مريض ولكنه في هيئة المعافى، ألا ترون إِلَى الذي يبتلى بمرض من الأمراض النفسية تراه يرى وهو لا يدري ماذا يرى، ويرى البشر ولكنه في الحقيقة لا يراهم، كيف تكون حياة هذا الإِنسَان؟ ومن ذلك الإِنسَان الذي يغبطه عَلَى هذه الحياة، أو يتمنى أن يكون مثله؟ هذا هو الحاصل والواقع في عالم المادة، وفي عالم الحس وفي عالم البصيرة، وفي عالم الحقيقة.

أثر العلم غير النافع على أصحاب العقول

تجد ممن يستمون بالعلماء: أصحاب عقول راجحة، وأصحاب فكر ورأي ثاقب تركوا القُرْآن والسنة وأعرضوا عما أنزله الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، مما يورث اليقين، ويذهب الريب والشك، واتجهوا إِلَى علوم اليونان من الفلسفة وعلم الكلام والجدل، والمناظرات في أمور لا خير فيها، أو ليست مما يدرك بالنظر، ولا بالعقل ولا بالبحث، ولا بالجدال، فآل أمرهم وحالهم إِلَى أن وقعوا في هذا الريب، وفي هذا الشك، الذي عبروا عنه، وكل منهم عبر عنه بما يتفق مع ما بذل من حياته، وجهده إن كَانَ قد وفق إِلَى التوبة في آخر عمره.

فهَؤُلاءِ نماذج نتحدث عن بعضهم:

ابن رشد الحفيد وعلم الكلام

فابن رشد الحفيد هو:مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد بن رشد، من أكبر من يسمون بفلاسفة الإسلام، بل هو في الحقيقة أكبر الفلاسفة الذين ظهروا في القرون الوسطى كما يعبر عنها في التاريخ الأوروبي، والغربيون يعتبرونه الرجل، أو الفيلسوف المؤثر في الفكر الغربي كله، ويسمونه المعلم الثاني عَلَى أساس أن المعلم الأول هو أرسطو، فإن ابن رشد أضاف إِلَى كلام أرسطو الشيء الكثير: حذفاً وإضافة ونقداً وتعديلاً.

ابن رشد والأشاعرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015