أراد المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أن يرد عَلَى من يقول: إنه يطلق عَلَى القُرْآن كلام الله عَلَى سبيل المجاز وليس عَلَى الحقيقة، وأن يقرر: بأن القُرْآن في هذه الثلاث الحالات -حالة كونه في المصاحف مكتوباً، أو بالألسن مقروءاً، أو في الصدور محفوظاً- هو كلام الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الحقيقة، فهو حقيقة في الثلاث الحالات، لكن الإطلاقات تختلف.
ولو قلنا: إن فيه خط فلان مثلاً فيكون المعنى حقيقياً وليس مجازياً، ويفيد أن هذا الخطاط كتب كلام الله -عَزَّ وَجَلَّ- وهو أيضاً كلام الله عَلَى الحقيقة؛ لأنه ينسب إِلَى من قاله مبتدءاً، وهو الله عَزَّ وَجَلَّ.
فنقول: هذا كلام الله؛ لأنه هو الذي قاله وتكلم به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهذا كلام حقيقي لا مجاز فيه، ونقول: هذا خط فلان وهو حقيقي لا مجاز فيه لأننا نعني عملية رسم المصحف نفسها.
وإذا قيل: فيه مداد قد كتب به فهم منه معنىً صحيحاً حقيقياً، أن هذا كلام الله، وفيه مداد، وقد كتب به، فهذا معنى حقيقي؛ لأن هذه الحروف كتبت بمداد معين، فالمعنى إذاً حقيقي وليس هناك مجاز في هذه الحالات الثلاث.
بعض إلزامات أهل البدع لأهل السنة في مسألة الكلام. والرد عليهم
قال المصنف: [وإذا قيل: المداد في المصحف] وأتى بها المُصْنِّف لأن الأشعرية والماتريدية ومن نحا نحوهم، يقولون لأتباع السلف نلزمكم بأحد قولين:
إما أن تقولوا مثل قولنا: إن القُرْآن مخلوق.
وإما أن تقولوا بكلام الحلولية.
فأنتم إذاً حلولية! لأنكم تقولون: إن ما في المصحف كلام الله.
إذاً كلام الله الذي هو صفة الله يحل في المصحف فهذه شبهة شيطانية ألقاها عَلَى أولئك، ولكنَّ ردها من أسهل وأبسط ما يمكن، فقد تطرق لها المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ هنا.
فَيَقُولُ: إذا قيل: المداد مخلوق؟
نقول: نعم مخلوق.
وإذا قيل: المداد في المصحف.
فنقول: نعم صحيح.
فيقولون: كلام الله في المصحف؟
نقول: نعم.