فمقصود المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- هنا أنه يجب الاعتراف أو الإقرار بما في قول أي منهما من الحق، وليس المعنى: أنه يجب الأخذ بما في قول كل من الطائفتين من الصواب وأنه يجب علينا أن نتبع ما قالته المعتزلة أو الأشعرية من الصواب؛ لأننا في غنى فالحق والصواب لا يمكن أن يخرج عن أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ فما كَانَ صواباً لدى أية فرقة من الفرق فإنه موجود عند أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ لكن ما عند أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ.. من الصواب ومن الحق لا يوجد عند أية فرقة من الفرق. فقول المصنف: [يجب الأخذ بما في قول كل منهما] أي الإقرار بصحته.

ولا نقول: كل كلام المعتزلة باطل، ولا كل كلام الأشعرية باطل، بل نقول: إثبات اتصاف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالكلام صفة ذاتية وصفة أزلية، هذا حق كما قالت الأشعرية، وكما قالت الماتريدية ونقول: إن كونه تَعَالَى يتكلم متى شاء كيف شاء، وأن كلامه يأتي بعد كلام، وأن خطابه لموسى عَلَيْهِ السَّلام غير خطابه للملائكة، وغير خطابه لآدم، والقرآن غير التوراة والإنجيل والإنجيل غير التوراة وهكذا هذا أيضاً حق وصواب، فنأخذ الصواب ونرد الخطأ والباطل من أي كان، وهذا منه -رَحِمَهُ اللَّهُ- مشياً مع مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ الذين هذا شأنهم ودينهم في كل أمر من الأمور، لا يجورون ولا يحيفون في أحكامهم رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُم.

قيام الحوادث بالله من الألفاظ المجملة

قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

[فإذا قالوا لنا: فهذا يلزم أن تكون الحوادث قامت به.

قلنا: هذا القول مجمل، ومن أنكر قبلكم قيام الحوادث بهذا المعنى به تَعَالَى من الأئمة؟ ونصوص القُرْآن والسنة تتضمن ذلك، ونصوص الأئمة أيضاً مع صريح العقل] اهـ.

الشرح:

إذا قال أهل البدع: يلزم من إثبات أنه تَعَالَى يتكلم متى شاء كيف شاء أن تقوم به الحوادث وقيام الحوادث ممتنع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015