فقوله: ولما كلم موسى كلمه بكلامه الذي هو له من صفاته يعلم منه أنه حين جَاءَ كلمه، لا أنه لم يزل ولا يزال أزلاً وأبداً يقول: يا موسى كما يفهم ذلك من قوله تعالى: وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف:143] ففهم منه الرد عَلَى من يقول من أصحابه: أنه معنى واحد قائم بالنفس لا يتصور أن يسمع وإنما يخلق الله الصوت في الهواء، كما قال أبو منصور الماتريدي وغيره. وقوله: الذي هو من صفاته لم يزل رد عَلَى من يقول: إنه حدث له وصف الكلام بعد أن لم يكن متكلماً] اهـ.
الشرح:
في طبعة الشيخ الأرنؤوط أن المتن الذي نقله المصنف، نقله من نفس متن شرح الفقه الأكبر وقد سبق الحديث عن كتابالفقه الأكبر، ونسبته إِلَى الإمام أبي حنيفة صحيحة عند الحنفية، وأما إذا نظرنا إِلَى رجال السند فإنه يشك في نسبته إليه، بل لا يصح السند لأنه مروي من طريق أبي مطيع البلخي وهو الحكم بن عبد الله أحد فقهاء الحنفية في القرن الثالث، وهو ضعيف في الرواية؛ بل قد اتهم بأكثر من الضعف، ومع ذلك فهو من فقهاء الحنفية المعتبرين في الفقه، وهم يوثقونه، ويرون أن ما ينسبه إِلَى الإمام أبى حنيفة فهو كلام موثوق مقبول.
وكتاب الفقه الأكبر -على ما فيه من بعض الأخطاء التي هي من وضع أبي مطيع البلخي؛ إلا أن الذي يبدو عند التحقيق أن الكتاب له أصل عن الإمام أبي حنيفة، ولكن أبا مطيع البلخي أضاف إليه من عنده أشياء ونسبه كله للإمام أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، ولو أن الحنفية -على ما في الكتاب من بعض المخالفات كما في مسألة الإيمان- التزموا بما فيه لكان أهون، ولكنهم ليسوا متمسكين بما في الفقه الأكبر مع أنهم يصححون نسبته إِلَى الإمامأبى حنيفة -رَحِمَهُ اللهُ- وليسوا أيضاً عَلَى ما في هذه العقيدة الطّّحاويّة (المتن) مع أن الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ من كبار أئمتهم المعتبرين المعدودين، وهم مع ذلك قد خالفوا هَؤُلاءِ الأئمة.