[وعموم (كل) في كل موضع بحسبه ويعرف ذلك بالقرائن ألا ترى إلى قوله تعالى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ [الأحقاف:25] ومساكنهم شيء ولم تدخل في عموم كل شيء دمرته الريح، وذلك لأن المراد: تدمر كل شيء يقبل التدمير بالريح عادةً، وما يستحق التدمير، وكذا قوله تعالى حكاية عن بلقيس وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ [النمل:23] المراد من كل شيء يحتاج إليه الملوك، وهذا القيد يفهم من قرائن الكلام، إذ مراد الهدهد أنها ملكة كاملة في أمر الملك غير محتاجة إلى ما يكمل به أمر ملكها ولهذا نظائر كثيرة] اهـ.

الشرح:

إن مما يحتج به أهل البدع على أن القرآن مخلوق قولهم: إن القرآن شيء وقد قال تعالى اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الزمر:62] إذاً: فالقرآن مخلوق وكلمة "كل" للعموم يدخل فيها كل شيء.

فنرد عليهم من القرآن نفسه لنبين لهم أن كلمة "كل" في كل موضع بحسبه، فلا يعني ذلك أنه إذا جاءت كلمة "كل" أنها تعني العموم والشمول المطلق الذي لا قيد فيه ولا استثناء على الاطلاق، وإنما بحسب القرائن فكل كلام يُقالُ عادة فإنما يقال ضمن قرائن في موضع معين، فالقرائن تدل على ما يريده المتكلم فمثلاً: كل الطلاب يتمتعون بالعطلة يفهم من ذلك أنهم الطلاب الذي يدرسون على نظام وزارة التعليم العالي أو نظام وزارة المعارف؛ لكن لو كان هناك طلاب في شركات يتدربون أو في أعمال أخرى لا يشملهم هذا، وبطبيعة الحال لا نحتاج إلى أن تستثنيهم لأن المقام ليس مقام الحديث عن كل طالب في الدنيا، وإنما الكلام عن الشيء المعروف والمشاهد، يقول الإمام الشافعي رحمه الله: ما فسدت عقول الناس إلا لما تركوا منطق العرب ومالوا إلى منطق أرسطو.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015