وإذا أضيفت المعاني إِلَى الله تَعَالَى مثل حياة الله، حكمة الله، علو الله، عزة الله، فهي صفات، فإذا قلنا: حكمة الله فالمقصود بها صفة الله التي هي الحكمة، ورحمة الله أي: الصفة التي يتصف بها الله عَزَّ وَجَلَّ، وكلام الله أيضاً معناه الصفة التي يتصف بها الله، فهي ليست مخلوقة، وإلا للزم عَلَى كلام المعتزلة أن جميع صفات الله مخلوقة، لأننا نقول: رحمة الله، وعلم الله وحياة الله، فهل حياة الله مخلوقة والعياذ بالله؟ حتى هم لا يقولون ذلك؛ فعُلم أن قول المعتزلة هذا ظاهر الفساد وظاهر البطلان، ولا بد أن نفرق بين الأعيان وبين المعاني، فما أضيف إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ من الأعيان أي من الذوات فهذا يضاف للتشريف، فمثلاً كل النوق خلقها الله فكلها نوق لله، لكن عندما نقول: ناقة الله (بالذات) فهذه فيها إضافة تشريف، لأن هذه الناقة أخرجها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لتكون آية لثمود، فهي تختلف عن أي ناقة أخرى ولدت بطريقة طبيعية، كما شاء الله عَزَّ وَجَلَّ أن يطبع المخلوقات في التناسل والتتابع.
وبيت الله مثلاً، كل البيوت بيوت الله، والمساجد (بالذات) بيوت الله فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ [النور:36] لكن إذا قلنا: بيت الله فإن التشريف هنا يحصل للكعبة أول بيت وضع للناس، وهكذا مثلاً رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه ذات معينة مخلوقة فنقول: رَسُول الله هنا للتشريف صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أما إذا قلنا: حكمة الله، حياة الله، علم الله، ومنها كلام الله؛ فلا يمكن أن يكون هذا مخلوقاً وإنما هي صفات، ولذلك لا نضيف إِلَى الله إلا الحق لأننا إذا أضفنا إليه شيئاً فإن هذا يدخل ضمن ما يوصف به الله في الجملة، وهذه الشبهة الأولى من شبهات المعتزلة:
ونقضها قول المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-: