المقصود من كلام المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هو إيضاح وتبيين قاعدة من القواعد المهمة التي ينبغي لطالب العلم أن يعرفها وهي: ما يتعلق باستخدام الألفاظ أو الإطلاقات التي تطلق في حق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ما الذي نستعمل؟ وما الذي لا نستعمل من الألفاظ في حق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فكل أحد من النَّاس يعبر عن المعني الذي يريده باللفظ الذي يريده، والنَّاس متفاوتون في المعاني، وقد يتفق الكثير من النَّاس عَلَى المعنى الواحد في أنفسهم، لكن يتفاوتون في التعبير عنه بالألفاظ فمثلاً: لو وقع أمر من الأمور أمام مجموعة من النَّاس وأخذتَ هَؤُلاءِ النَّاس واحداً واحداً وسألتهم لوجدت أن هذا عبر بتعبير يختلف عن هذا، وهذا أبلغ من ذاك وهكذا، والجميع يعبرون عن شيء واحد رأوه، فما بالك بالتعبير عن معانٍ غيبية لا تدرك بالحواس فإذاً لم يترك الأمر لاختيار البشر أو إِلَى الرأي الذي يرى الإِنسَان أنه ينزه به الله عَزَّ وَجَلَّ أو يصفه به، إنما كَانَ الأمر كما هو مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ أمراً توقيفياً.

والمقصود هنا هو هذه الألفاظ التي يستخدمها المتكلمون والفلاسفة والتي وقع فيها صاحب المتن الإمام أبو جعفر الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ فإنه استخدم هذه العبارات، كما قال في هذه الفقرة [وتعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات] أو كسائر المبدعات، فاستخدم عبارات نفى فيها عن الله عَزَّ وَجَلَّ أمراً لم يرده نفيه في الكتاب ولا في السنة فما هو موقف علماء السلف وغيرهم من أمثال هذه العبارات؟

موقف الناس من إطلاق الألفاظ المجملة:

يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [أن للناس في إطلاق هذه الألفاظ ثلاثة أقوال: طائفة تنفيها بإطلاق] يعني: يقولون نَحْنُ لا نستخدم هذه العبارات، بل ننفيها نهائياً، أو ننفي ما دلت عليه هذه العبارات بإطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015