إذاً يبطل القول بأن الخلة خاصة بإبراهيم عَلَيْهِ السَّلام، وأن المحبة خاصة بمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا سيما وأنَّا قد عرفنا أن الله تَعَالَى يحب المتقين، ويحب التوابين، ويحب المتطهرين، ويحب المحسنين، إِلَى غير ذلك مما جَاءَ في كتاب الله وفي سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فليست المحبة خاصة بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل يدخل معه فيها كل من عمل عملاً صالحاً يرضاه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ويحبه.

ذكر المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- مراتب المحبة ليبين لنا أن الخلة هي أعلى مراتب المحبة، والمحبة مراتبها كثيرة، ولكلٍ فيها وجهة نظر من حيث ترتيبها وتقسيمها.

فبعض العلماء يرى أن هذه الدرجات من قبيل المترادفات؛ لأن الشعراء العرب عندما يذكرون الحب أو العشق أو الصبابة أو الخلة أو التتيم يذكرونها عَلَى أنها مترادفات، يعطف بعضها عَلَى بعض حسبما تقتضيه ضرورة البيت الشعري، فَيَقُولُ: إنه يحبه أو متيم به ... إلخ.

لكن بعض العلماء حاول أن يتلمس فروق بين هذه الأنواع ويجعلها درجات، وهذا هو ما ذكره المُصنِّفُ هنا نقلاً عن الإمام ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، فإنه حاول أن يُفصّل هذه الأنواع وهذه الأقسام، وأشار إِلَى ذلك أيضاً شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ.

العلاقة

أول مراتب المحبة هي: التعلق، أو العلاقة ومعناها: وجود علاقة بين طرفين، وهذه هي الدرجة الدنيا في المحبة، وقد وردت في شعر العرب، كما يقول قال الأعشى:

عُلّقتها عرضا وعَلِّقت رَجُلاً غيري وعُلِّق أخرى ذلك الرَّجُل

فعُلق وتعلَّق بمعنى أحب.

وعُلِّقتها: أي حُبِّبْت إلي وأحببتُها وحُبِّبْتُ فيها.

وعُلِّقت رجلاً غيري، أي وهي تعلقت رجلاً آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015