بل إن المحبة هي أساس كل عمل وكل عبادة قلبية، كما أن أسس كل عبادة عملية هو الصدق، فالمحبة أساس لجميع العبادات، وبيان ذلك أن الإِنسَان إذا صلى وهو لا يجب الصلاة ولا يحب من يصلي له، فإن صلاته لا تكون مقبولة، وكذلك إذا زكى أو حج وهو لا يحب من زكى له ولا من حج له فهذه الزكاة وهذا الحج ونحوهما من الأعمال لا تُقبل، وهكذا لوتأملنا لوجدنا أنه كما قال شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ في مجموع الفتاوى: "إن المحبة هي أساس كل عمل باطن، من أعمال القلب، ثُمَّ بعد ذلك تتفرع منها بقية الأعمال " فأي عمل تعمله الجوارح ولا يرتكز عَلَى المحبة القلبية، فإنه مثل ما لو كَانَ لا يرتكز عَلَى الصدق، فلو أن أحداً صلى، وهو غير صادق في صلاته كَانَ يصلي صلاة كذب واستهزاء، فإن صلاته لا تقبل.
ولهذا يقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ [البقرة:165] فالمُشْرِكُونَ يحبون الله، ويحبون أصنامهم سواء، ولكن المؤمنين يحبون الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أكثر من محبة الْمُشْرِكِينَ لله تَعَالَى ولأصنامهم عَلَى القولين المذكورين في الآية، فالمؤمنون أشد حباً لله والله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يحب من يتقرب إليه باتباع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وطاعته كما قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]