ثُمَّ كتب الإمام عبد العزيز المكي خلاصة ما دار بينه وبين هَؤُلاءِ القوم في كتابه المسمى الحيدة.
مع العلم أن هناك من يقول: إن كتاب الحيدة لا تصح نسبته للإمام عبد العزيز الكناني.
وأقول: قد لا يكون الكتاب بهذا الشكل المتكامل له؛ لأن فيه بعض زيادات غيره، لكن الكتاب والقضية لهما أصل، والحوار هذا قد جرى ووقع، فقد يكون الذي كتب هذا الكتاب والمناظرة ابن عبد العزيز الكناني الذي اصطحبه معه من مكة إِلَى بغداد ليناظربشر المريسي.
أما بشر فهو رجل يهودي، كَانَ أبوه صباغاً يهودياً - كما قال ذلك الإمام أحمد.
وهذا الرجل تعلم الفلسفة وتعلم الكلام ليفسد به دين الإسلام،
وكان زميلاً للقاضيأبي يوسف المعروف، وكان القاضي يقول له: يا بشر! إما أن تدع الكلام، أو تفسد علينا خشبة، يعني: نصلبك عَلَى خشبة فنخسر هذه الخشبة، لكنَّ بشراً عاند، وأخذ يتعلم هذه العلوم، وهذه الثقافات، يعارض بها كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكان عَلَى مذهب الجهم بن صفوان في نفي صفات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
حتى أنه ورد أن أم بشر جاءت إِلَى أحد علماء الْمُسْلِمِينَ فقالت له: إن أباه كَانَ يهودياً، وإنه عَلَى دين أبيه، وإنما يريد أن يفسد دينكم بهذا العلوم (بعلم الكلام) الذي جَاءَ به.
وقد رد الإمام المحدث الجليل عثمان بن سعيد الدارمي عَلَى بشر المريسي في كتابه المشهور المعروف: الرد عَلَى بشر المريسي العنيد، أو (رد الإمام عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد) ، فرد عليه، وأثبت كثيراً من الصفات التي كَانَ بشر ينكرها ومنها صفة العلم، فبشر والجهمية عموماً يقولون في صفة العلم: ليس بجاهل، وهذا كما قلنا: أولاً: وجود مطلق لا يوصف بشيء إلا بالسلوب، يعني النفي فقط.