فإن معنى اتق الله: تذكر هذه المعاني كلها، فكف عنها الرجل ولم يفعل شيئاً؛ لأنه في تلك اللحظة كَانَ جاهلاً بقدر الله عَزَّ وَجَلَّ، فأراد أن يرتكب المعصية فلما ذكرته بذلك تذكر الله وعظمته، وعظمة وعيد الله فلم يفعل.

ولذلك نقول: إنه كلما كَانَ الإِنسَان أعلم بالله، كَانَ أبعد عن معصية الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

مثال آخر: وهو ذلك الرجل الذي مر ذكر قصته قبل، وأنه قال حين موته: (إذا أنا مت فأحرقوني، ثُمَّ ذروني فضعوا نصفي في البحر ونصفي في البر ... ) ؛ والذي حمله عَلَى ذلك جهله بمعنى: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:20] ، فما بالك بمن يجهل كثيراً من صفات الله ولا يعلمها؟

والرد عَلَى شبهات أهل الباطل من باب الجهاد بالقرآن، وهذا مما ابتلى الله به العلماء وقبلهم الأنبياء، وهذا لا بد منه، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما بعثه الله، وكذلك جميع الأَنْبِيَاء -عليهم الصلاة والسلام- كانوا يتمنون أن يأتي أحدهم فيقول لقومه: (اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُه) ُ [هود:50] ، فيؤمن القوم، وينتهي الأمر، لكن لم يكن ذلك، بل وجد من يعادي، ومن يجادل، حتى قال القائل: صف لنا ربك؟ وكثرت الشبهات والأقاويل في الله سبحانه، وفي الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه ساحر ومفتر وكذاب، وَقَالُوا: أساطير الأولين اكتتبها، فكان لا بد من رد عَلَى هذه الشبهات، ولذلك رد القُرْآن عليها وبين بطلانها.

والكلام هنا عن الصفات من هذا القَبيل؛ لأن حقيقة معرفة صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- ثمرتها أن يعرف الإِنسَان ربه، وهذا أشرف العلوم جميعاً؛ حتى ولو علمت صفة لا يترتب عليها عمل؛ لأن العلم بها يزيد إيمانك بالله، ويزيد معرفتك بالله عَزَّ وَجَلَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015