وأصل هذا السؤال أورده عليه الفلاسفة فَقَالُوا: كيف يكون موقف الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا آمن أبو لهب، وكان مصيره الجنة؟

فاحتار ولم يعرف الجواب فقَالَ: ليتني أحك هذه السورة من المصحف، فنرتاح من المشكلة ومن الجواب، نسأل الله العفو والعافية.

وكان الواجب عليه أن يسأل أهل العلم، كما قال الله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [الأنبياء:7] .

ثُمَّ إن هذه الصفات التي ذكرها الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- في القرآن، وذكرها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السنة، صفات كمال ليس فيها نقص من وجه من الوجوه.

والمعنى الرابع: أن إثبات المثل الأعلى لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يتضمن توحيده، وعبادته وحده لا شريك له بإخلاص؛ لأنه كلما كَانَ إيمان الإِنسَان بأن لله المثل الأعلى أكثر، كلما كانت عبادته لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أكثر وأعظم، وهذا أمر محسوس.

ولذلك قال كثير من السلف في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ [النساء:17] ، ليس المقصود بالذي يعمل السوء: الذي يرتكب الفاحشة وهو جاهل، كَانَ يزني وهو لا يدري أن الزنى حرام، إنما المقصود أن كل من عصى الله فهو جاهل، أي: جاهل بقدر الله -عَزَّ وَجَلَّ- حين ارتكب هذه المعصية فإن من كَانَ يعلم أن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مطلع عليه، عالم بأحواله، رقيب عليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في كل حركاته، ولا يخفى عليه من أمره شيء، وأنه تَعَالَى شديد العقاب، قد أعد النَّار لمن يعمل هذه الفاحشة، فكل هذه الأمور التي وصف الله بها نفسه، من كَانَ يعلمها حقيقةً في تلك اللحظة، فإنه لا يفعل الفاحشة أبداً، فهو جاهل بقدر الله لا بحكمه، كما في حديث قصة الرجل الذي قيل له: (اتقِ الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015