ومعنى هذا أن لله -عَزَّ وَجَلَّ- من الصفات ما لا يترتب عليها عمل -أي بالجوارح- حسب فهم بعض الناس، فيُقال لهذا: مجرد علمك بها يزيد إيمانك بالله، ويزيد معرفتك به، ويجعل في القلب علم ونور.

ومثل هذا بعض الصفات التي جاءت في الأحاديث من أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يخفض القسط ويرفعه، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خلق العرش، وخلق القلم، وأنه قدر المقادير، ولكن نقول: إن هذه الصفات قد يكون لها بعض الأثر المباشر أو غير المباشر في أعمال الجوارح، وقد قلنا: إن مجرد المعرفة القلبية نفسها عمل، ثُمَّ إنها قد تورث عملاً بالجوارح، وهذا من ثمرة معرفتك ربك سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فعلى هذا: إذا سمعت من يقول لك: لا تتعلم الصفات، فاعلم أنه كأنما يقول لك: لا تقرأ القرآن، ولا تقرأ السنة، ولا تعرف ربك، كما قال بعضهم في كتاب له حق الله عَلَى العبا

وحق العباد عَلَى الله: المهم أن الإِنسَان يطيع الله، فلو أني -مثلاً- أطعت الملك، وسواء كنت أعلم أن هذا الملك هو في هذا البلد أولاً.

المهم أنني أطعته، فكذلك الله -سبحانه- المهم أني أطعت أمره.

فيأتينا بهذا المثال الذي فيه تشبيه بربنا -عَزَّ وَجَلَّ-، ويخبرنا الله أنه عَلَى العرش، لكنه يقول: لا يهم معرفة كونه عَلَى العرش أولا، فليس لنا دخل، المهم أن نطيعه، نصلي له ونعبده.

فنقول له: -سُبْحانَ اللَّه! - أليست الصلاة نفسها نقول فيها: سبحان ربي الأعلى؟! إذاً فالصلاة مرتبطة بالإيمان، ومرتبطة بالأسماء والصفات.

فهل يجوز لإنسان أن يقول: أنا حر في أن ألغي هذه الآيات التي في العلو، وهذه الآيات الكثيرة التي في الاستواء، والمهم أنني أصلي لله وأصوم له؟!

-سُبْحانَ اللَّه! - كيف يعرض هذا الإِنسَان عن الفقه الأكبر -كما سماهأبو حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ- وهو معرفة الله، ويعمل بالفقه الأصغر، الذي هو الأحكام، والحلال والحرام؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015