والمعنى الصحيح أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قدير عَلَى كل شيء بإطلاق، حتى أفعال العباد، فهي من مشيئته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولهذا أذكر قصة وهي أشبه بالنكتة:

دخلالزمخشري عَلَى أحد الأمراء، وعنده رجل جالس منأهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ، فأراد الزمخشري -وهو معتزلي- أن يغيظ هذا العالم السني، فقَالَ: سبحان من تنزه عن الفحشاء كلام عادي لو سمعه أي واحد، فإنه يقول: جزاه الله خيراً يذكر الله عَزَّ وَجَلَّ، ولكن هذا الخبيث يقصد أن الله ليس هو الذي خلق أفعال العباد، من المعاصي والأفعال السيئة- فَقَالَ السني: سبحان من يفعل ما يشاء. فألجمه وأفحمه، بأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يفعل ما يشاء، يخلق الشر كما يخلق الخير سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وذاك ينزهه عن أن يكون خالقاً للشر، بينما الله يفعل ما يشاء، يخلق الخير ويخلق الشر.

فكان إفحاماً سريعاً، وبنفس اللفظة، وعلى نفس السجعة، وهذا توفيق من الله عَزَّ وَجَلَّ.

الشاهد أن قدرة الله -عَزَّ وَجَلَّ- تتضمن كل شيء كلية مطلقة، لكن الذين طمس الله عَلَى بصائرهم، وأضل عقولهم، وختم عَلَى قلوبهم، دخلوا في أسئلة من الكلام المتناقض الذي يريدون به التشكيك، وبذر الشبهات في قلوب الْمُسْلِمِينَ.

هل المحال يدخل في عموم كلمة "كل"

جاء سؤال في إذاعة لندن، قبل زمن: إذا كَانَ الله عَلَى كل شيء قدير، فهل يقدر أن يخلق أكبر منه، أو أعظم منه؟

وهذه شبهة قديمة -كما ترون ذكرها المُصْنِّف هنا- وهذه الشبهة لا يقولها إنسان عاقل؛ لأن هذا الإِنسَان العاقل إن كَانَ مؤمناً بالله، فإن كل من يؤمن بالله من مسلم أو يهودي أو نصراني أو غير ذلك، يؤمن بأنه عَلَى كل شيء قدير، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا شيء مثله، ولا شيء أكبر منه، ومن قال أن هناك ما هو أكبر من الله، فالإله عنده هو الأكبر وليس الأصغر، فبطبيعة الحال يقال له: كيف تعبد الأصغر مع وجود الأكبر؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015