وهذه المقدمة بين يدي الحديث، لنعلم أن أهميته تتجاوز قضية معرفة هل الأصح هو القول بأن الحوادث لها أول أم لا؟ بل لنعرف ما هو أكثر عبرة وأكثر عظة، خاصة ونحن نعيش في عصر تكاثرت فيه النظريات عن الكون، وعن الإِنسَان، وهذه النظريات لم تعد حديث أذهان الفلاسفة، كما كَانَ أرسطو وأفلاطون وأمثالهم، وإنما أصبحت مصورة ومقربة تدرس في مناهج التعليم، حتى في البلاد الإسلامية، وتقدم للناس عَلَى أنها حقائق وعلم، تحتوي عَلَى كيفية نشأة الكون والإِنسَان.

ولا يجوز لنا أن نستسلم لها، وأن نقررها ونلقنها أبناءنا، لأنها كلها خبط عشواء، وقول عَلَى الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بغير علم.

سبق الكلام عَلَى تخريج حديث عمران -رضي الله عنه- واختلاف الروايات، وأن الراجح منها هو رواية: (ولم يكن شيء قبله) ، لأنها موافقة للقرآن، وموافقة لقول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الأحاديث الأخرى الثابتة عنه.

أما الذين ينكرون علو الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى عرشه -من الجهمية ومن تابعهم- بأدلة وهمية هي عبارة عن تخرصات تخيلوها من عند أنفسهم.

فقد رد عليهم أهل السنة وأفحموهم، وألزموهم بآلايات الصريحة الواضحة من كتاب الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كقوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] وغيرها من آيات الاستواء، وهي سبع آيات ذكر فيها استواء الرحمن سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى العرش، فضلاً عن آيات وأحاديث العلو، فإن من أكثر صفات الله -عَزَّ وَجَلَّ- التي دل عليها العقل والنقل والفطرة، بما لا يحصى ولا يعد من الأدلة هي: صفة علو الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى جميع المخلوقات، فهي من أخص الصفات بعد صفة الحياة، لأن من يؤمن بالله فإنه يؤمن بأنه حي لا يموت تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لكون هذه الصفة تشهد بها الفطرة السليمة.

من شبه أهل البدع في إنكار العلو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015