وكان المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فطناً ولبيباً في رده -وما أحسبه إلا أنه نقله من كلام شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فبين أن هذا التمثيل غير صحيح، لأن الماضي يعبر عنه بفعل الماضي لا بالمستقبل، فالصحيح أن تقول: ما أعطيتك درهماً إلا أعطيتك قبله درهماً، أما أن تعلق شيئاً في مستقبل بوقوع شيء في المستقبل، فإن هذا لم يقع!

أما أن تعلق شيئاً بوجود شيء قبله في الماضي، فهذا غير ممتنع، بل هو ممكن من حيث القسمة العقلية. هذا ملخص الكلام، وبذلك نكون انتهينا من هذه الفقرة الكلامية.

قال الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[ليس بعد -في نسخة منذ- خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بإحداثه البرية استفاد اسم الباري] .

قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:

[ظاهر كلام الشيخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يمنع تسلسل الحوادث في الماضي، ويأتي في كلامه ما يدل عَلَى أنه لا يمنعه في المستقبل، وهو قوله: والجنة والنَّار مخلوقتان لا تفنيان أبداً ولا تبيدان، وهذا مذهب الجمهور كما تقدم، ولا شك في فساد قول من منع ذلك في الماضي والمستقبل، كما ذهب إليه الجهم وأتباعه، وقال بفناء الجنة والنار، لما يأتي من الأدلة إن شاء الله تعالى.

وأما قول من قال بجواز حوادث لا أول لها، من القائلين بحوادث لا آخر لها فأظهر في الصحة من قول من فرق بينهما، فإنه سبحانه لم يزل حياً، والفعل من لوازم الحياة، فلم يزل فاعلاً لما يريد، كما وصف بذلك نفسه، حيث يقول: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج: 16،15] . والآية تدل عَلَى أمور:

أحدها: أنه تَعَالَى يفعل بإرادته ومشيئته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015