ومن المعلوم بالفطرة أن كون المفعول مقارناً -لفاعله لم يزل ولا يزال معه- ممتنع محال ولما كَانَ تسلسل الحوادث في المستقبل. لا يمنع أن يكون الرب سبحانه هو الآخر الذي ليس بعده شيء، فكذا تسلسل الحوادث في الماضي لا يمنع أن يكون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الأول الذي ليس قبله شيء، فإن الرب سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل ولا يزال يفعل ما يشاء، ويتكلم إذا يشاء، قال تعالى: قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [آل عمران:40] وقال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيد [البقرة:253] وقال تعالى: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج:16،15] وقال تعالى: وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه [لقمان:27] وقال تعالى: قُلْ لَوْ كَانَ َ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً [الكهف:109] ، والمثبت إنما هو الكمال الممكن الوجود، وحينئذ فإذا كَانَ النوع دائماً، فالممكن والأكمل هو التقدم عَلَى كل فرد من الأفراد بحيث لا يكون في أجزاء العالم شيء يقارنه بوجه من الوجوه. وأما دوام الفعل، فهو أيضاً من الكمال، فإن الفعل إذا كَانَ صفة كمال فدوامه دوام الكمال] اهـ
الشرح: