نحن نؤمن جميعاً -وأهل السنة يقولون ذلك، وكل العقلاء في العالم- بأن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لم يكن قبله شيء، وهي الرواية الحديثية الراجحة التي رجحها شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ، حتى تتفق مع اسم الله: "الأول" فلم يكن قبل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شيء، وهو الأول الذي لا بداية لوجوده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ليس قبله شيء، وهو أزلي لا بداية لوجوده، كما هو معلوم قطعي لدى جميع العقلاء.

وصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل متصفاً بها، فصفاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أيضاً لا ابتداء لها، فلم يكن في وقت من الأوقات عاطلاً عن الخلق ثُمَّ خلق فصار اسمه الخالق؛ لأن صفات الكمال لم يكن الله في وقت من الأوقات غير متصف بها؛ لأن معنى ذلك أنه كَانَ في وقت من الأوقات ناقص، وهذا لا يجوز ولا يليق في ذات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وقياساً عَلَى المستقبل، وهو أننا نؤمن ونقطع جزماً أن أهل الجنة وأهل النَّار سيظلون في المستقبل خالدين مخلدين فيها، وهم مخلوقون ومحدثون، ومع ذلك لا نهاية لهم، فكذلك لا يمتنع أن توجد أنواع وجنس -لا آحادها- مخلوقات لا بداية لها في الماضي، فحيث كانت هذه الصفة قديمة لا بداية لها، فتقتضي وجود مخلوقات بعده، يخلق مخلوقاً، ثُمَّ يخلق بعده مخلوقاً آخر.

ويقول علماء الطبيعة عن الكون والمادة: لا تفنى ولا تستحدث، فنلزمهم من كلامهم، فنقول لهم: إذا كنتم تقولون هذا في حق المادة التي هي من مخلوقاته، فما بالكم في حق صفات الله أو آثار صفات الله تخالفون في ذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015