لا شك أن استخدام واستعمال الألفاظ الشرعية الصحيحة مثل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] يغنينا في التنزيه عن كل ما يقولون، فإذا أريد بنفي الحوادث بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أنه لا يحل به شيء من مخلوقاته؛ لأن الحوادث تطلق عَلَى المخلوقات، فالله تَعَالَى يتنزه أن يحل به شيء من مخلوقاته، فنوافقكم عليه، وهو كلام صحيح؛ لكن لا نجعله من لوازم صفات الله التي نصفه بها، بل عندما نقول: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] ونعلم أن ذاته ليست كالذوات، وأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بائن من خلقه، يغنينا هذا عن القول المجمل الذي فيه احتمال حق وباطل.
وإن كنتم تريدون بنفي حلول الحوادث فيه نفي الصفات الاختيارية فهذا باطل، فلا نسلم لهم، وإنما نفصل القول، فننفي من جهة ونثبت من جهة. .
وهناك معركة تاريخية قديمة بدأها أعداء شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ في حياته منهم: الإمام السبكي رَحِمَهُ اللهُ، الذي رد عَلَى شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ في رده عَلَى الرافضي بالأبيات المعروفة -التي ذكرها طابع كتاب منهاج السنة - ومن جملتها أن ابْن تَيْمِيَّةَ يقول: بحوادث لا أول لها، وأن هذا الكلام يدل عَلَى أنه يقول: إن الحوادث تحل بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والشيخ الأرنؤوط لم يفهم الفصل بين القضيتين، وكأنه كَانَ في النفس شيء، فمجرد أن جاءت فرصة انتهزها، فأخذ يعلق هذا التعليق، وسنقرأ هذا التعليق، وسنبين ما فيه من الخطأ، وليس هو بياناً لخطأ رجل، وإنما هو بيان لأخطاء كثير من النَّاس الذين يشنعون عَلَى شَيْخ الإِسْلامِ زوراً وظلماً.
يقول الشيخ الأرنؤوط: "جمهور المتكلمين من أشاعرة وماتريدية ومعتزلة وفلاسفة، اتفقوا عَلَى منع قيام الحوادث بذاته تعالى، وجوز قيامها بذاته تَعَالَى الكرامية، ففرقوا بين الحادث والمحدث.
فالأول عندهم: هو ما يقوم بذاته تَعَالَى من الأمور المتعلقة بمشيئته واختياره.