ومن ذلك أيضاً: ما ورد في القُرْآن أنه يأتي عَلَى صورة الشاب الشاحب اللون. ويقول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تعلموا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة) والبطلة: هم السحرة؛ ولذلك من يقرأ سورة البقرة فإنه يعصم -بإذن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وينجو من شر السحرة وأعمالهم، ثُمَّ قال صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تعلموا سورة البقرة وآل عمران، فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يَوْمَ القِيَامَةِ، كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف) و (إن القُرْآن يلقى صاحبه يَوْمَ القِيَامَةِ حتى ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فَيَقُولُ: ما أعرفك.
فَيَقُولُ: أنا صاحبك الذي أسهرت ليلك وإن كل تاجر وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة ... إلى آخر الحديث) ، الشاهد في هذا، هو قوله: "إن القُرْآن يأتي في صوره الشاب الشاحب"، وفي الحديث الآخر: (إن البقرة وآل عمران يظلان صاحبهما كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف) .
فهذا من أعمال الإِنسَان التي توضع في الميزان، وتصعد إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مع أنها أعراض، لكي يُعرف أنه لا استدلال للجهمية القائلين بأن القُرْآن مخلوق بأمثال هَؤُلاءِ الآيات؛ لأن قرآتي مخلوقة وقرآتك مخلوقة، وأما القُرْآن الذي هو كلام الله فهو ليس بمخلوق، فالذي يأتي كل إنسان منا هو قرآته لا القُرْآن الذي هو كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذا مما أبطل به الإمام أَحْمَد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى استدلالالجهمية الذين قالوا: إن القُرْآن مخلوق.