فهذه القضية كانت رائجة، خاصة في البصرة والكوفة لأنها موطن الخوارج. وكانوا يقولون: كيف يفعل الكبيرة، ثم يغفر له، أو يُشفع فيه، فهذه شبهة روجها الخوارج، فلاقت آذانا عند بعض الناس ولكن شفاء العي السؤال، وشفاء الجهل العلم، فإذا سمع الإنسان بأمر وأشكل عليه، فلا يجتهد بآرائه الشخصية، ويقول: هذا حلال وهذا حرام وهذه بدعة وهذه سنة ولكن الله يقول: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43] فذهبوا ليأخذوا العلم من أهله، فقال أنس رضي الله عنه حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: [إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض] من الهول والكرب [فيأتون آدم فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن] ولم يذكر نوح لكن في الأحاديث الأخرى ذكر نوحاً عليه السلام وهذا هو الراجح، فهو إما سقط، وإما خطأ من الحفاظ [فيأتون إبراهيم فيقول: لستُ لها ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته]
فنحن نشهد أن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه المتفق عليه (فمن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبد الله ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح، منه وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) .
معنى قوله: (روح الله وكلمته)
قوله: [فإنه رُوحُ الله وكَلِمَتُهُ] إضافة الروح إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هنا لأنها متفردة ومتميزة عن غيرها، والإضافة إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى نوعين:
إما أن يُضاف إِلَى الله تَعَالَى معنىً من المعاني.