وهذا أنس خادم النبي عاش بعدعائشة ما يقارب الأربعين سنة أو يزيد فكان يحدث الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكان السلف الصالح حريصين على طلب العلم، فاخذوا ثابت لمكانته من أنس وقالوا: نذهب نزور خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ونسأله عن حديث الشفاعة، [فذهبوا إليه، فإذا هو في قصره] أي: في بيته، وكانت تعد لما هم عليه من شظف العيش قصوراً، ولكنها بالنسبة لما كانت عليه قصور كسرى وقيصر وملوك الدنيا لا تساوي شيئاً من ذلك، فكان في منزلة رضى الله عنه [فوافيناه يصلى الضحى فاستأذنا] وفي ذلك دليل على مشروعية صلاة الضحى.

قال: [فأذن لنا وهو قاعد على فراشه، فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة] أي لا تقدم على حديث الشفاعة شيئاً آخر؛ لأن ذلك كان في آخر عُمْرِ أنس، وفي أيام الحجاج، وكانت الخوارج قد ظهر أمرها وكانت تحارب الحجاج حتى كان لهم دول في جهة فارس وعمان، وكانوا ينكرون الشفاعة، ولهذا ذهبوا يسألوا عن هذه القضية المهمة فيخشون أن يسألثابت عن شيء من الأحكام الأخرى، والباقون ساكتون وهذا من الأدب.

فتقدم ثابت فقال: [يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤوك يسألونك عن حديث الشفاعة] بدأ يقدم لهذه الزيارة في هذا الوقت، وأن المقصود بها العلم، وأن هؤلاء ما قصدهم إلا ذلك وكما مر معنا من أن طلق بن حبيب ويزيد الفقبر وهما من مشاهير التابعين يقولطلق: " كنت أرى رأي الخوارج وكنت أنكر حديث الشفاعة حتى ذهبت إلى جابر "، وبعضهم ذهب إلى أنس وبعضهم ذهب إلى غيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015