وهذا يدخل في ضمن صفة (قابل التوب) فيقبل الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى التوبة حتى من المشرك، فإذا تاب وأسلم فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقبل توبته وهذا حكم ظاهر معلوم، عمل به الصحابة الكرام كما أمر الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في أخر آيات الأحكام -التي نزلت في أول سورة التوبة- أحكام المنافقين والْمُشْرِكِينَ حين أظهر الله دينه وأعزه.
وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5] وقال في سورة الفرقان بعد أن ذكر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صفات عباد الرحمن: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ [الفرقان:68] هذا هو الشرك وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ ألا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ [الفرقان:68] وهذه أعظم الكبائر.
ثُمَّ قال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * ألا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً [الفرقان:68-70] وهذا أصل عظيم وواضح ولكن إذا عميت البصيرة، فإنه يخفى عليها مثل هذا الأمور الواضحات، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ فكما أنه اتصف بقبوله التوبة فإنه متصف أيضاً بغفران الذنوب وبالعفو وبالمغفرة وبالكرم.