أولاً: ما جَاءَ في القُرْآن من آيات مناداة الله تَعَالَى للمشركين " وناداهم، ويوم يناديهم، ويوم يحشرهم فيناديهم ... وما أشبه ذلك كثير في القُرْآن "، فيقول شَيْخ الإِسْلامِ: إن المناداة تكون بصوت مسموع يسمعه المخاطب، وغير هذا لا يمكن أن يتصور، فالمناداة إنما هي بالصوت والكلام.

الأمر الثاني: تكليم الله تَعَالَى لموسى، فإذا كَانَ النداء والكلام بدون صوت، فما الفرق بين كلام الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لموسى عَلَيْهِ السَّلام وبين وحيه إِلَى أي نبي من الأَنْبِيَاء عن طريق الإلهام، أن يلهمه الله في قلبه كما قال تعالى: وَمَا كَانَ َ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51] .

فهو أحد الحالتين: إما الوحي، أو من وراء حجاب، وأما إرسال الرَّسُول فهو وحي غير مباشر، وأما الوحي المباشر فيكون بالإلقاء أو الإلهام إِلَى الرَّسُول من دون سماع للصوت من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أو من وراء حجاب أي كلام وصوت من غير رؤية، فحصل لموسى عَلَيْهِ السَّلام أنه نودي بصوت من غير رؤية، فإذا قلنا: لم يسمع موسى صوتاً، فالأمر كله إذاً من القسم الأول وهو مجرد الوحي ولم يسمع شيئاً.

وهذا مما يدل عَلَى بطلان هذا الكلام الذي تكلم به الشيخ الأرنؤوط غفر الله له.

وأيضاً يقول شَيْخ الإِسْلامِ: "إن السلف -المفسرين من السلف - اتفقوا عَلَى أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كلم موسى بصوت، وأيضاً من الأدلة ما جَاءَ في قوله الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [سبأ:23] لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شبه سماع الصوت كأنه سلسلة عَلَى صفوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015