لكننا لو قلنا: إنه سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ كما جَاءَ في الحديث: (أنا سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ) فيكون النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا حدد أنه سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ، وحال يَوْمَ القِيَامَةِ يختلف عن حال الدنيا تماماً، فيَوْمَ القِيَامَةِ ينادي الرب تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أين الجبارون أين المتكبرون، فلا يجيب أحد فيأتوه مهطعين، مخبتين، شاخصة أبصارهم، ويأتيه جميع النَّاس في غاية الانكسار والخضوع، وتشخص أبصارهم فلا تسمع إلا همساً، بل المتكبرون الذين كانوا يتكبرون في الدنيا، يحشرون -كما جَاءَ في الحديث- عَلَى هيئة الذر يطؤهم النَّاس بأقدامهم، فيحشر خلق الله تَعَالَى عَلَى خلقة واحدة إلا المتكبرون، فإنهم يحشرون عَلَى هيئة الذر جزاءً ونكالاً لتعاليهم، وتفاخرهم في الحياة الدنيا، ففي ذلك الموقف الذي لا يتكلم فيه أحد، والذي يخرس فيه جميع المتكبرين، يقف جميع الأنبياء، ومنهم أولو العزم يعتذرون عن الشَّفَاعَة، وحينئذ يقوم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيشفع، وهي السيادة الحقيقية عَلَى العالمين، فلذلك يقول: (أنا سيد ولد آدم يَوْمَ القِيَامَةِ، وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع) .

فلهذا جَاءَ الحديث بهذا القيد مع أننا نقول: لا يمنع من استعماله أو من إطلاقه في غير يَوْمَ القِيَامَةِ، لكننا لا ننسى أن هذا اللفظ إنما جَاءَ في معرض يَوْمَ القِيَامَةِ، فإن ليَوْمَ القِيَامَةِ تلك الحالة المخصوصة التي تختلف عن حال الدنيا، ولهذا فَهِمَ الصحابة -رضوان الله عليهم- أنهم لا يتخذون هذا اللقب دائماً، وكذلك العلماء من بعدهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015