وقد سبق أن قلنا: إن مما أجمع عليه أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ: أن من كره شيئاً مما جَاءَ به الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو كَانَ في قلبه أدنى كراهية للرَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه كافراً قطعاً، وإن أظهر الإسلام، وأظهر الشعائر، فهو من المنافقين الذين لا يقبل منهم عمل بل هم في الدرك الأسفل من النار، فمن الخطورة بمكان أن يُقَالَ: إن فلاناً يكره الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لإنه لا يقول: أشهد أن سيدنا محمداً رَسُول الله، وإنما يقول: أشهد أن محمداً رَسُول الله!

والقول الصواب في هذه المسألة أننا نقول: أولاً: لا بد أن نعلم أننا متبعون ولسنا مبتدعين، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل هذا الدين اتباعاً قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31] وكذلك رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول له الله عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ [الأنبياء:45] ، فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ينذرنا بالعقل ولا بالهوى، ولا بالرأي، وإنما هو وحي إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:4] .

وهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو قال قولاً أو فعل فعلاً عَلَى خلاف ما يريد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لنزل عليه العتاب، وينزل تصحيح ذلك الخطأ من عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو لا يأتي بشيء من عند نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل هو متبع لما يوحى إليه وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [الأحزاب:2] فالله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يأمر رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتبع ما يوحى إليه من ربه، وأن يقول للناس إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ [الأنبياء:45] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015