فبعثه الله بعد أن تخلى النَّاس عن التوحيد، وارتكبوا الشرك يوضحه قوله تَعَالَى في الحديث القدسي: (وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم)
كما جَاءَ ذلك في حديث عياض بن حمار رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فلما اجتالتهم الشياطين بعد قرون، قيل: إنها عشرة.
كما قال عبد الله بن عباس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: بعد عشرة قرون من آدم عَلَيْهِ السَّلام وقع الشرك في قوم نوح، فأشركوا، فجاء نوح عَلَيْهِ السَّلام، لكن الأَنْبِيَاء قبل نوح موجودون، ومنهم آدم وقيل إن منهم إدريس عَلَيْهِ السَّلام، وفي الرسل هود، وصالح، وموسى، هَؤُلاءِ الرسل سمُوا رسلاً؛ لأنهم واجهوا أقوامهم بدين جديد فكذبهم أقوامهم في ذلك.
فهذا هو أوضح وأجلى الفروق بين النبي وبين الرسول أما بقية كلام المُصْنِّف فصحيح، فإن الرسل أخص من الأنبياء، ولذلك عددهم أقل، وهذا هو الراجح، وهو ما اختاره شَيْخ الإِسْلامِابْن تَيْمِيَّةَ وغيره من المحققين.
فكل رَسُول نبي، وليس كل بني رسول؛ لأن من بعثه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إِلَى قومه عَلَى شريعة من قبله وأوحى إليه أن يبلغهم فلا يسمى رسولاً عَلَى هذا الاصطلاح، وإنما هو نبي من الأَنْبِيَاء.
من نعم الله على الناس اصطفاء الرسل
قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[وإرسال الرسل من أعظم نعم الله عَلَى خلقه، وخصوصاً مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما قال تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164] وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]] اهـ.
الشرح: