فعلى هذا فالرَّسُول هو من جَاءَ بشرع جديد إِلَى قوم كافرين، والنبي هو من بعث بشريعة رَسُول قبله ليجددها، ويحيي معالمها، فهذا مأمور بالبلاغ الجديد المستأنف لقوم كفار، وهذا مأمور بالبلاغ للمؤمنين الذين ينتمون إِلَى شريعة سابقة، ولكنهم غيروا وبدلوا وضلوا وانحرفوا.
شرعية التفريق بين الأنبياء والرسل
والتفريق بين الأَنْبِيَاء وبين الرسل صحيح، ويدل عليه حديث أبي ذر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وهو حديث طويل، يسأل فيه أبو ذر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أمور كثيرة.
ومن آخرها: سأله عن آدم، هل كَانَ نبياً؟
فقال له الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نعم نبي مكلَّم.
فقَالَ: يا رَسُول الله كم عدد الأنبياء؟
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مائة وأربعة وعشرون ألفاً، والرسل ثلاثمائة وبضعة عشر.
وهذا الحديث ورد بعدة طرق، وصححه بعض العلماء.
يقول بعض العلماء: إن عدد الأَنْبِيَاء كعدد أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعدد الرسل كعدد أصحاب بدر.
فهنا مناسبة بين عدد الأَنْبِيَاء وبين عدد الرسل من جهة، وبين عدد أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جميعاً وبين عدد أصحاب بدر خاصة.
فهَؤُلاءِ الرسل الذين هم من ضمن المائة والأربع وعشرين ألفاً هم الذين جاءوا وبعثوا إِلَى أمم كافرة، ولهذا الذين قص الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في القُرْآن قصصهم مع أقوامهم هم من الرسل، ولهذا مع أن آدم عَلَيْهِ السَّلام نبي كما جَاءَ في الحديث، وفي غيره من الأدلة.
ففي حديث الشَّفَاعَة الصحيح يقول الناس: يا نوح إنك أول رسول، إذاً آدم عَلَيْهِ السَّلام نبي، ونوح أول الرسل، بمعنى: أنه جَاءَ إِلَى قوم كافرين.