إذاً ففرعونمعذور عندما قَالَ هذا القول، بل هم في الحقيقة لم يكتفوا بقولهم: إن فرعون معذور، حتى جعلوه مطيعاً وألّفوا الكتب في تصحيح إيمانفرعون، وأن فرعون لما قَالَ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى كَانَ صادقاً والعياذ بالله. لأنه ليس له إرادة، إنما كَانَ ينطق عن الله -تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا- فإذا كَانَ فرعونينطق عن الله، فموسى ينطق عن من؟ وبأمر من؟!

هذه الطائفة تُكذِّب جميع الرسل وتكفرها جميع الملل

إن هَؤُلاءِ النَّاس في الحقيقة يكذبون جميع الأَنْبِيَاء وجميع الرسالات، ولهذا -كما أشرنا فيما مضى -فإن هذه الطائفة يكفرها جميع أصحاب الملل والأديان، الْمُسْلِمُونَ واليهود والنَّصَارَى فلا توجد ملة أو دين سماوي يقر هَؤُلاءِ القوم، بل جميع الملل تكفرهم لأنهم خارجون عَلَى جميع الشرائع.

ولهذا كَانَ أصل كثير من هَؤُلاءِ إما من الرافضة وإما من الباطنية، ولكن لبسوا عَلَى النَّاس بادعائهم التصوف والولاية، فزعموا أن كل ما يفعلونه أو يفعله غيرهم هو فعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كما يقول أحد الأقطاب: نار الخليل انطفأت؛ لأن الشيخ تفل فيها. ليس كما قال الله تعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69] فيعتقدون أن الأقطاب هم الذين يتصرفون، وتصرفهم سابق لوجودهم، فهم موجودين في الأول وإلى الأبد، وكل ما وقع في الكون فهو من تصرفهم، حتى سفينة نوح زعموا أنهم هم الذين منعوها من الغرق، ونار إبراهيم هم الذين أطفؤها، وهم الذين نجو شعيباً وصالحاً ومحمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهَؤُلاءِ يتبعهم اليوم ملايين من النَّاس، ويظنون أنهم يتقربون إِلَى الله باتباع هَؤُلاءِ المضلين.

الشهود الحقيقي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015