فليس هناك تفاوت، والطاعة قد تكون خيراً من إنسان، وقد تكون شراً لآخر، فليس في هذا تفاوت من جهة أنها نوعين طاعة ومعصية، إنما يكون التفاوت إذا كَانَ النوع واحداً من جنس واحد، بشروط واحدة وحصل بينهما اختلاف، ولا يأت التفاوت لكون العباد عَلَى نوعين، نوع خير ونوع شر والتفاوت الذي هو تفاوت لا يليق أن يكون من أحد النوعين المتماثلين، فيكون في أحدهما ما يختلف عن الآخر، [فكل نوع منها ليس في خلقه تفاوت، والتفاوت إنما وقع لأمور عدمية لم يتعلق بها الخلق، وإلا فليس في الخلق من تفاوت] مجرد الإيجاد ليس فيه تفاوت، وإنما حصل الاختلاف في الإعداد والإمداد، فإن قيل: فهلا أمد الموجودات كلها، أي ما دام أنه أوجده فلماذا لم يمده؟

الفرق بين الإيجاد والإمداد

هناك فرق بين الخلق والإيجاد، وبين الإمداد وبين العمل الذي نعمله، فكل الأشياء من جهة أن الله خلقها هي خير، إذ لا يخلق الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شراً محضاً من جميع الوجوه، وجاء الشر لبعضها من عدم إمدادها بالخير إضافة إِلَى الخلق في ذاته، فهذا المخلوق يعامل عَلَى أنه فاعل يتحرك، إذا أمده الله بالتوفيق تحرك في الخير، وإن تركه ولم يمده تحرك فيما طبع عليه، وما دعته نفسه وشيطانه وهواه إليه، وإن كَانَ الحق واضحاً أمامه، فإن قيل: هلا أمد الموجودات كلها، معنى ذلك ألا يوجد في الكون شراً بإطلاق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015