ويأتي بعد ذلك جانب العدل والرحمة، والحلم، والعفو، والستر، والتجاوز، وكذلك أيضاً الرافع والخافض، والمعز والمذل [فإن هذه الأسماء والأفعال كمال لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى] وكل صفة كمال فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أولى وأحق بها عَزَّ وَجَلَّ.
فَيَقُولُ: [لا بد من وجود متعلقها] أي: لا بد أن يوجد متعلق هذا الاسم، أي: لو كَانَ الجن والإنس عَلَى طبيعة الملائكة، لو كانوا خيراً محضاً لما غضب، ولما انتقم، ولا أذل، ولا خفض، ولا بطش بأحد، لأنهم كلهم عَلَى طبيعة الملائكة، لكن لما كَانَ فيهم الأخيار وفيهم الفجار، والأخيار درجات، والفجار درجات.
فمن هنا تظهر آثار هذه الأسماء، فجانب الأشرار والفجار يكون متعلق لهذه الأسماء والصفات، ولهذه الأسماء والأفعال، فينتقم ممن يستحق الانتقام منهم، ويبطش بهم، ويذلهم، ويخفضهم، وفي المقابل ما يتعلق بظهور آثار أسماءه المتضمنة لحلمه وعفوه.
ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه
قَالَ المُصْنِّفُ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:
[ومنها ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده، فلولا خلق ما يكرهه من الأسباب المفضية إِلَى ظهور آثار هذه الأسماء لتعطلت هذه الحكم والفوائد، وقد أشار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هذا بقوله: (لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لهم) .