التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد عَلَى نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] ، فهذه هي الحجة التي أشهدهم عَلَى أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض [إبراهيم:10] .
العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، بحيث لا يتخلف عنها المدلول وهذا شأن آيات الرب تعالى، فإنها أدلة معينة عَلَى مطلوب معين مستلزمة للعلم به فَقَالَ تعالى: وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:174] ، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر النَّاس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يولد عَلَى الفطرة، لا يولد مولود عَلَى غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا يتبدل ولا يتغير. وقد تقدمت الإشارة إِلَى هذا. والله أعلم] اهـ..
الشرح:-
سوف نبين عدم رجحان هذه الأوجة العشرة التي استدل بها المُصْنِّف فيما ذهب إليه فقوله: أن الآية تضمنت ما يلي:
الأول: أنه قال من بني آدم ولم يقل من آدم.
والثاني: أنه قال من ظهورهم ولم يقل من ظهره.
والثالث: أنه قال من ذريتهم ولم يقل من ذريته.
هذه الأوجه الثلاثة مضمونها: أن إشهاد الله لم يكن من ظهر آدم، وإنما الألفاظ -كما تلاحظون- من بني آدم، وكذلك ظهورهم وذرياتهم وهذا لا اعتراض فيه، وذلك لأن ذكرهم بهذا الجمع يدل عَلَى استخراج الأبناء من الآباء إِلَى آخر ما يكون من بني آدم، ولو لم يذكر إلا آدم عَلَيْهِ السَّلام لظن ظان أن الذين استخرجوا هم ذريه آدم فقط -أي: الذين هم من صلبه- فلا دليل بعد ذلك يبقى واضحا عَلَى الأحفاد إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.