يقول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فالآثار المروية في ذلك إنما تدل عَلَى القدر السابق، وبعضها يدل عَلَى أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم، وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة] وهذه مرتبة الكتابة وهي من مراتب القدر التي نقسمها إِلَى خمس درجات:
الدرجة الأولى: وهي: الكتابة العامة بما يقع في الكون، وهو الذي كتبه الله عَزَّ وَجَلَّ في اللوح المحفوظ.
والدرجة الثانية: الكتابة النوعية، التي هي: كتابة ما سيكون من نوع الإِنسَان بالأخص من شقاء أو سعادة، فمما نؤمن به من أقدار الله عَزَّ وَجَلَّ أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قدَّر أن بني آدم فريقان: فريق في الجنة، وفريق في السعير، وأنه استخرجهم عَلَى ما ورد في حديث الاستخراج، وهذا هو الذي أراده أكثر العلماء وقصدوه للاستدلال بهذه الأحاديث وهذه الآثار، كما فعل ابن أبي عاصم في كتاب السنة، وأبو عمر بن عبد البر، وابن القيم، وأمثالهم من العلماء الذين أرادوا إثبات القدر.
ولذا ذكروا هذه الأحاديث في أبواب القدر، ولكن المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هنا تبع الإمام أبا جعفر الطّّحاويّ حيث أفرد الميثاق بفقرة مستقلة في العقيدة والكلام من قوله: [هذه الآثار لا تدل عَلَى سبق الأرواح] إِلَى قوله: [من أهل الشقاوة] منقول عن ابن القيم من كتابه الروح، فيقول ابن القيم: إن الآثار تدل عَلَى القدر وبعضها يدل عَلَى أنه سبحانه استخرج أمثالهم وصورهم، وميز أهل السعادة من أهل الشقاوة، وبعضها فيها زيادة عَلَى القدر، وهي: أن ذلك القدر لم يكن مجرد تقدير منه عَزَّ وَجَلَّ، فخلق طائفة للجنة وطائفة للنار، وإنما استخرج أمثالهم وصورهم التي سيكونون عليها وميز هَؤُلاءِ من هَؤُلاءِ.
وهنا أمور ثلاثة اتفق السلف عَلَى اثنتين منها واختلفوا في واحدة: