ويعلق ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى هذا فَيَقُولُ: " هذا أليق بظاهريته" فأخطأ والخلل جاءه من الظاهرية، وإذا أردنا أن نرد عَلَى هذا القول نرد على الظاهرية نفسها واللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذَكَرَ في قولهِ: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الأعراف:172] من بني آدم وليس فقط من آدم بل أخذ الذرية من أصلابهم، وجاء في الحديث: أنه استخرجها من ظهر آدم والحديث يفسر الآية، فلما مسح بيده سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى ظهر آدم واستخرج هذه الذرية، فإن آدم يكون موجوداً، فكيف يقول خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ َ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ َ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَم.
ومعنى هذا الكلام أنه خلق الأرواح وهي منفصلة، فكأن خلقها متقدم عَلَى تصوير آدم وعلى إسجاد الملائكة له، وهذا الكلام لا يقول به أحد بل لو نظرنا إِلَى قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ لوجدنا أن ظاهر الآية لاتخص آدم بذلك؛ بل إن اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يأمر الملائكة أن يسجدوا لآدم إلا بعد أن خلق البشر وبعد أن صورهم وهذا لا يقول به أحد، وابن حزم نفسه لا يقول بالظاهر المطلق، وهو يقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ أي: ولقد خلقنا أرواحكم ثُمَّ َ صَوَّرْنَاكُمْ أي: صورهم في عالم الذر ثُمَّ َ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ، يقول ابن حزم: فما دام أنك قد قدرت مضافاً فالتقدير الصحيح للمضاف أن نقول: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ أي: خلقنا أباكم الذي أنتم من ذريته وجمهور السلف قالوا في قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ َ صَوَّرْنَاكُمْ أي: قدرنا خلقكم وصوركم، فيكون اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قبل أن يخلق آدم قدر خلق الناس، وقدر صورهم، ثُمَّ خلق آدم وأسجد له الملائكة.