لذا قال تعالى: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقة:44-46] أي: لعاقبناه عقوبة أعظم من عقوبتكم.

فهل يليق فعلاً بمن يؤمن بالله، وأنه حكيم وعادل ورحيم، أن يظن أن الله يؤيد هذا الرجل وهو كاذب عليه؟!

لا شك أن رحمة الله بالعالمين، وحكمته وإحسانه بالبشرية هو الذي اقتضى بأن يبعث في الأميين رسولاً منهم، هذا هو اللائق بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

وبهذا الاستدلال الخفي العجيب -الذي لا يستدل به إلا الخواص -كما يقول المصنف- استدلت خديجة رضى الله عنها، وهذا يدل عَلَى فقهها وكمال عقلها، فإن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: (لقد خشيت عَلَى نفسي، فقالت له خديجة رضى الله عنها: كلا والله لا يخزيك الله أبداً) .

فلا يصح ما قاله بعض المتكلمين: أنه يجوز أن يدخل الله إبليس الجنة، ويعذب الأولياء والأنبياء؛ لأن هذا لا يليق بحكمة الله تعالى، كما قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [القلم:35،36] فحكمة الله تدل عَلَى أن هذا غير ممكن أبداً، ولذلك لما ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، وأن لديه قرآناً، فضحه الله من واقع كلامه الذي يقوله: يا ضفدع نقي.. في الماء تنقنقين.. ولا الطير تبلعين..، وأيضاً: والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً ...

فلا يمكن أن يكون هذا قرآناً أبدا، وقالوا لـ مسيلمة الكذاب: إن محمداً جيء له بعلي يوم خيبر، وكان في عينه رمد فتفل فيها فبرأت، فجيء له برجل مريض العين فتفل فيها فعميت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015