أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [العنكبوت:51]] اهـ.

الشرح:

هذا نوع آخر من أنواع الاستدلالات في بيان وحدانيته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وهو:

الاستدلال بأسمائه وصفاته عَلَى وحدانيته -سبحانه- وهذا الاستدلال خفي لا يدركه كل أحد، بخلاف الاستدلال بالآيات الكونية أو النفسية المشاهدة، لكن من رقي إيمانه وعظم في قلبه معرفة الله تَعَالَى وقدر الله تَعَالَى حق قدره، فإنه يستدل بمعرفته بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى ما يليق به تَعَالَى أو ما لا يليق به من الأفعال.

ومن ذلك: أنه يستدل بمعرفته بالله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأسمائه وصفاته عَلَى أنه لا يجوز أن يُشْرَك به -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أي أحد سواه، بأي نوع من أنواع العبادة، ومن أسمائه تَعَالَى "المؤمن" ومعناه عَلَى أحد القولين: "المصدق" الذي يصدق الصادقين. -أي: يصدق المؤمنين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم، وبما يعطيهم من الأدلة الشاهدة عَلَى أنهم صادقون-، كما قال الله تعالى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ [النحل:38] وهذا قول الكفار من الأمم الماضية، فكان الجواب عَلَى ذلك: بَلَى وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ*لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيه [النحل:38،39] فهذه حكمة، أن جعل الله هنالك يوماً يبين فيه الذي يختلفون فيه فيظهر المحق من المبطل، ثُمَّ قَالَ: وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ [النحل:39] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015