[ومن أسمائه تعالى: "المؤمن" وهو في أحد التفسيرين: المصدق الذي يصدق الصادقين بما يقيم لهم من شواهد صدقهم؛ فإنه لا بد أن يُري العباد من الآيات الأفقية والنفسية ما يبين لهم أن الوحي الذي بلغته رسله حقٌ، قال تعالى: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ [فصلت:53] .

أي: القرآن، فإنه هو المتقدم في قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [فصلت:52] ثُمَّ قَالَ: أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت:53] فشهد سبحانه لرسوله بقوله: إن ما جَاءَ به حق، ووعد أن يُري العباد من آياته الفعلية الخلقية ما يشهد بذلك أيضاً، ثُمَّ ذكر ما هو أعظم من ذلك كله وأجل، وهو شهادته -سبحانه- عَلَى كل شيء، فإن من أسمائه: الشهيد الذي لا يغيب عنه شيء، ولا يعزب عنه، بل هو مُطًّلعٌ عَلَى كل شيءً مشاهدٌ له، عليم بتفاصيله.

وهذا استدلال بأسمائه وصفاته، والأول استدلال بقوله وكلماته، والاستدلال بالآيات الأفقية والنفسية استدلال بأفعاله ومخلوقاته.

فإن قلت: كيف يستدل بأسمائه وصفاته، فإن الاستدلال بذلك لا يعهد في الاصطلاح؟

فالجواب: أن الله تَعَالَى قد أودع في الفطر التي لم تتنجس بالجحود والتعطيل، ولا بالتشبيه والتمثيل، أنه -سبحانه- الكامل في أسمائه وصفاته، وأنه الموصوف بما وصف به نفسه ووصفه به رُسُلُه، وما خفي عن الخلق من كماله أعظم وأعظم مما عرفوه منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015