فإن الصوفية وأمثالهم يعتمدون عَلَى الأدلة الوجدانية والأذواق والكشوفات الروحانية، وأهل الكلام يعتمدون عَلَى الأدلة العقلية المركبة من مقدمات ونتائج، فلا عَلَى هذا ولا هذا نعتمد في بيان ديننا، وإنما نعتمد عَلَى كتاب الله وعلى سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولذا يقولأبو جعفر الطّّحاويّ: [لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا، ولا متوهمين بأهوائنا، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله -عَزَّ وَجَلَّ- ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] أي: إنما نؤمن بما جاءنا عن الله ورسوله، ولا نتوهم بآرائنا وعقولنا.
ومنها: الآيات العيانية والبصرية التي يبصرها الإِنسَان فإنها عظيمة جداً قال تعالىإِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار [آل عمران:190-191] فالمتأمل في آيات الله من أعظم الأدلة عَلَى التوحيد، لذا قال تعالى: وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ [الذاريات:20] وأينما رمى الإِنسَان ببصره ولاحظ، فإنه يجد الآيات العظيمة الدالة عَلَى وحدانية الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذه الآيات تحول الإيمان من مجرد إيمان فطري إِلَى إيمان راسخ عميق، فإن الإيمان يزيد وينقص كما هو في مذهب أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ، والوسيلة لكي يزيد هذا الإيمان هي هذه المجالات الثلاثة: الآيات القرآنية، والآيات العيانية البصرية، والآيات العقلية أو التفكر العقلي.