والمخلوقون ينبغي لهم أن يعلموا حقيقة هذه الشهادة أيضاً: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [الزخرف:86] أي: أنه لا إله إلا هو، فهو -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يعلم أنه لا يوجد هناك إله معبود بحق سواه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ولا يمكن أن يكون شيء خارج عن علم الله، فهذا علم الله.
وفي حقنا نَحْنُ فالعلم بها: أن نعتقدها ونصدقها بأنه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- واحد لا شريك له.
الثانية: مرتبة التكلم، وفيه الحديث: (عَلَى مثلها فاشهد) فهذا الحديث معناه صحيح ولكن لفظه ضعيف، وهو {أن رجلاً جَاءَ إِلَى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأل عن الشهادة، فأشار النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الشمس وقَالَ: عَلَى مثلها فاشهد، أو دع} فالإِنسَان لا يشهد إلا بما يعلم لا بما يظن، فلا يجوز لشاهد في قضية دنيوية أن يشهد فيها بظنه؛ وإنما يشهد بما يعلم وما هو متأكد ومستيقن منه، فما بالك بمن يشهد أنه لا إله إلا هو!
فمرتبة التكلم: أن تتكلم بما تشهد به بالنسبة لله تَعَالَى وبالنسبة لنا، فتتكلم به وتقول للناس: إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- تكلم بهذه الشهادة، فجاءت ضمن القُرْآن شهادة أن لا إله إلا الله والأمر بتوحيد الله.
والتكلم بشيء شهادة له، والدليل عَلَى ذلك في كتاب الله قال تعالى: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ [الزخرف:19] فهذا القول بذاته شهادة، فهم شهدوا بأن الملائكة إناث مع أنهم لم يقولوا شهدنا، وإنما قالوا: الملائكة إناث.
الثالثة: مرتبة الإعلام والإخبار: وهي أن تتكلم بشيء فتخبر غيرك به وهذا يكون شهادة، يقول المصنف: إنه عَلَى نوعين، فقد يكون بالفعل وقد يكون بالقول.