إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [آل عمران:59] فالأعجوبة الخارقة في آدم أعظم منها في عيسى، لأن الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- خلق آدم من غير أب ولا أم، ثُمَّ إنه خلق حواء من أب -وهو آدم- وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1] بدون أم، وخلق عيسى عَلَيْهِ السَّلام من أم بدون أب، فالله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- يخلق ما يشاء، فلماذا يكون عيسى هو إله أو ابن لله كما تزعمون؟!
وبعد ذلك تأتي الحجة الأخيرة الدامغة في مناظرتنا دائماً لأهل الكتاب وهي المباهلة، ولهذا يقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في ذلك إذا حاجونا من بعد ما جاءتهم البينات موضحة لهم، أن نقول كما قال الله تَعَالَى لنبيه: فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61] .
وعبارات السلف في شهد جاءت بمعنى: حكم، وقضى، وأعلم، وبين وأخبر، وكلها حق، فحكم الله -سبحانه- أنه لا إله إلا هو، وقضى أنه لا إله إلا هو، وأعلم أنه لا إله إلا هو، وبين، وأخبر أنه لا إله إلا هو، فكل ذلك حق وكل ذلك تتضمنه كلمة شهد، فإذا أردنا أن نتبين ذلك فلنعلم مراتب الشهادة.
مراتب الشهادة
هذه الشهادة تتضمن أربع مراتب وهي: العلم، والتكلم، والإعلام والإخبار، والأمر والإلزام.
الأولى: مرتبة العلم، فعندما نقول: فلان يشهد بشيء، معنى ذلك أنه يعلمه لأنه شهد به، لكن فرق بين مرتبة العلم ومرتبة الإعلام؛ لأن الإِنسَان قد يعلم الشيء ولكنه لا يتكلم به ولا يخبر به.
وهذه المرتبة قد دلت عليها أدلة كثيرة من كتاب الله تعالى، ومن سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.