فإن هَؤُلاءِ الذين ذكرهم الله من آلهتهم ودّاً، وسواعاً، ويغوث، ويعوق، ونسراً كانوا رجالاً صالحين من قوم نوح، كما في الحديث الذي رواه الإمام البُخَارِيّ في صحيحه، فأراد الشيطان أن يضل قوم نوح فَقَالَ لهم: (لو صورتم هَؤُلاءِ وعملتم لهم التماثيل لتذكرتم عبادة هَؤُلاءِ لله، وتذكرتم قربهم من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فعبدتم الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مثل ما يعبده هَؤُلاءِ) هكذا زين لهم الشيطان في أول الأمر، فوضعت التماثيل لهم ليتذكروا بها عبادة الله سبحانه فقط.
ثُمَّ نسخ العلم، وتخلف الخلوف، وهكذا عادة الأمم، تخلف خلوف وأجيال فتنسى الغرض الأساسي الذي من أجله أنشئت البدعة أو نصب التمثال، فيتخذ التمثال أو الصورة إلهاً معبوداً من دون الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
فحدث ذلك وعبدت هذه الآلهة من دون الله، فهذا هو أحد أسباب وقوع الشرك في بني آدم، وهو ما ذكره الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- من العدل أو من التسوية التي قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فيها: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ َ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] وقال في آية أخرى حكاية عن أهل النار: قالوا: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:97،98] .